بين الجذور والأجنحة: كيف يدمج الإنسان بين المرح والحزن
الحياة ليست ضحكة عابرة ولا دمعة مقيمة. هي تأرجح دائم بين ثقل الحزن وخفة الفرح، بين الجذور التي تثبّت وجودنا، والأجنحة التي تمنحنا القدرة على التحليق. لكن… كيف نعيش هذا الانسجام و نحقق ذواتنا؟


بين “Whooo” و “Wheee”
في لعبة Clair Obscur: Expedition 33 يظهر “Esquie” ليقول عبارته الغامضة:
“أنا أيضًا Whooo… لكنني Wheee أيضًا. فالـ Wheee يوازن الـ Whooo.”
قد تبدو الجملة أقرب إلى لعبة كلمات، لكنها في جوهرها اختزال لرحلة الإنسان. “Whooo” هو التنهد العميق، ثقل الحزن والخذلان. بينما “Wheee” هي ضحكة غير متوقعة، انطلاق عفوي، اندفاع طفولي. وعيش كليهما ليس ترفًا، بل ضرورة، و أحد نواميس حياتنا الدنيا. لأن الاكتفاء بالحزن يعني الغرق، والاكتفاء بالمرح يعني الضياع.
الجذور التي تمنحنا الثقل
الحزن، رغم قسوته، يرسّخ جذورنا. يجعلنا أكثر صدقًا، أكثر عمقًا، وأكثر وعيًا بتجاربنا. هو المدرسة التي تُعيد تشكيلنا، حتى وإن كرهنا دروسها. في العمل، مثلًا، الفشل المؤلم قد يصبح درسًا يغيّر طريقة إدارتنا للمشاريع. وفي الحياة، الخسارة قد تزرع داخلنا قوة و دافع للتحسين لا تُكتسب من الانتصارات.
الأجنحة التي تمنحنا الخفة
أما المرح، فهو الأجنحة التي تمنعنا من الانكسار. تلك الضحكة الصغيرة في زحمة يوم عملٍ خانق، أو لحظة خفة مع الأصدقاء. في الإبداع، قد تكون “اللحظة المرحة” هي الشرارة التي تفتح بابًا لفكرة عظيمة. وفي العلاقات، قد تكون النكتة البسيطة أقوى من أي خطابٍ في تقريب القلوب.
الانسجام كفنّ للعيش
المشاعر ليست عدواً بل مرآة حقيقية لمعتقداتنا وأفكارنا و ما نؤمن به و التوقعات التي نحملها و لكي نعيش حيواتنا بالشكل الأمثل علينا حمل كل هذه المشاعر وادارتها بالشكل الذي يخدم تحقيق غياتنا وأحلامنا. علينا نمنح أنفسنا حق الاعتراف بالصعوبات، لكن دون أن نفقد حسّ الدعابة. أن نعترف بآلامنا، لكن لا ننسى أن نحتفل باللحظات الصغيرة التي تمنحنا معنى الاستمرار. أن نسمح لحزننا أن يثبّت أقدامنا في الأرض، وللفرح أن يرفعنا نحو الأفق. أن نكون عميقين بلا جمود، وخفيفين بلا تفاهة.
هذا الانسجام ليس وصفة جاهزة، بل هو ممارسة يومية، تتجلى في اختياراتنا الصغيرة والكبيرة. و لعلي أكتب مقالة كاملة عن تجربتي في الانسجام ورحلة انسجام في جبال السودة و ما تعلمته من تلك الرحلة.
خاتمة تأملية
نحن لسنا ضحكة دائمة ولا دمعة أبدية. نحن خليط متناقض، نعيش أحياناً على الحافة بين الاثنين.
الحزن يمنحنا الجذور… والمرح يمنحنا الأجنحة.
وبين الجذور والأجنحة، نكتشف أن الرحلة ليست مجرد بقاء، بل فنّ متكامل للعيش. وانسجام نسعى لتحقيقه في حياتنا.

مدونة شخصية يكتبها زهير، في مساحات تمتد بين التقنية والذات، وبين الألعاب والحياة. هنا يتقاطع المنطق بالحلم، والفكرة بالتجربة، والنص اليومي بالتأمل العميق. "زهير يكتب" ليست فقط ما كُتب، بل كيف تُرى الحياة بعيون مفعمة بالفضول.