بين أن تمتلك وتفقد… أو ألا تمتلك أبدًا!
ما الذي نخسره حين نختار ألا نحصل على شيء من الأساس؟


في لعبة Clair Obscur: Expedition 33، هناك لحظة يتوقف فيها كل شيء للحظة.
شخصية غريبة الملامح، نصفها قناع ونصفها حكمة، تُدعى Esquie، تنطق جملة بسيطة لكنها تهزك من الداخل:
“Losing a rock is better than never having a rock!”
(أن تخسر حجرًا… خير من ألا تملكه أبدًا)
هذه العبارة البسيطة تختصر معضلة إنسانية أزلية: هل من الأفضل أن نعيش تجربة ثم نفقدها، أم ألا نحصل عليها أبدًا؟
1. التجرِبة كقيمة بحد ذاتها
امتلاك شيء — سواءً كان صديقًا، حلمًا، أو لحظة نادرة — يمنحنا بُعدًا جديدًا للحياة. حتى إن انتهى، فإن أثره يظل محفورًا في ذاكرتنا، كعلامة تقول: لقد عشت.
التجربة و إن انتهت، هي شهادة أنك موجود، أنك خضت غمار الحياة، وأنك سمحت لنفسك أن تقترب، أن تشعر، أن تتذكر، أن تكون فاعلاً بدلاً من البقاء متفرجًا.
2. بين الأمان والمجازفة
كثيرون يختارون الأمان، فلا يخوضون التجارب خوفًا من الخسارة.
الفقد مؤلم، نعم.
لكن… ما الذي نخسره حين نختار ألا نملك شيئًا من الأساس؟
سنفقد فرصة الذكرى، والكثير من المشاعر التي ستشكل من نحن لاحقاً، والدروس الذي لا يُشترى.
الحياة تشبه رحلة Expedition 33—مليئة بالطرق المجهولة، بالموارد التي نجدها ونفقدها، بالقصص التي لا نعيشها إلا إذا خاطرنا بالخطوة الأولى.
ولعل الحكمة الحقيقية ليست في أن نحافظ على كل “أحجارنا”، بل في أن نعرف قيمتها، حتى لو رحلت.
3. كيف نتعامل مع الخوف؟
الحياة بطبيعتها مغامرة. ومن يغامر بالحب، بالصداقة، أو بتحقيق حلم، يعرّض نفسه لاحتمالية الخسارة. لكن هذه المخاطرة هي ما تجعل اللحظة ثمينة.
الاستسلام لخوفنا من الفقد قد يحرمنا من ثروة المشاعر التي لا تعوَّض. و هذا ليس شيطنةً لمشاعر الخوف فهي موجودة كي تحمينا من الخطر و لكن علينا ان نفكر دائماً هل هذا الخوف حقيقي وواقعي؟ ما الذي يمكننا ان نفعله كي نزيله او نخفف ما يخيف؟ ما هي الاحترازات عند حدوث ما نخاف منه؟ فالخوف شعور ايجابي اذا لم يؤدي الا العجز.
كم مرة تردّدنا في اقتحام تجربة جديدة أو خوض مغامرة لأننا خفنا من النهاية؟ وكم مرة اكتشفنا أن التجربة — رغم وجعها — منحتنا ما لم نكن سنفهمه لو اخترنا الأمان؟
4. بين الواقع و اللعبة
حين ينطق Esquie عبارته، لا يكون الأمر مجرد نص حواري.
الإضاءة الخافتة، ملمس الرداء المزخرف، و القناع الذي يخفي ملامح وجهه … كلها عناصر تشارك في إيصال الرسالة:
العالم ليس ثابتًا، وكل ما نملكه يمكن أن يتلاشى مع أول هبوب لرياح التغيير.
الحياة تشبه رحلة Expedition 33—مليئة بالطرق المجهولة، بالموارد التي نجدها ونفقدها، بالقصص التي لا نعيشها إلا إذا خاطرنا بالخطوة الأولى.
هكذا تتحول الجملة إلى تجربة شعورية كاملة—واحدة من تلك اللحظات التي تذكرك أن ألعاب الفيديو قد تكون مرآة للحياة بقدر ما هي وسيلة للترفيه.
ولعل الحكمة الحقيقية ليست في أن نحافظ على كل “أحجارنا”، بل في أن نعرف قيمتها، حتى لو رحلت.

مدونة شخصية يكتبها زهير، في مساحات تمتد بين التقنية والذات، وبين الألعاب والحياة. هنا يتقاطع المنطق بالحلم، والفكرة بالتجربة، والنص اليومي بالتأمل العميق. "زهير يكتب" ليست فقط ما كُتب، بل كيف تُرى الحياة بعيون مفعمة بالفضول.